قصيدة صاحب القيد
للشاعر أحمـــد حـسـين
أَبا عَدِيٍّ أَيَكْفي الشِّعْرُ مَنْزِلَة
لِكَيْ تُشَدَّ إلى عَلْيائِكَ الهِمَمُ
لا بَأْسَ بِالسَّيْفِ مَثْلومًا وَمُنْكَسِراً
فَالسَّيْفُ لَيْسَ حَديدًا إنَّهُ شِـيَمُ
أَنْتَ الأَعَزُّ وَإنْ ساموكَ خِسَّتَهُم
فَالصَّرْحُ يُهْدَمُ أَحْيانًا وَيُقْتَحَمُ
عانَدْتَ وَحْدَكَ أَقْدارًا لَهُمْ سَبَقَتْ
ألا يَرِفَّ لَهُمْ في ساحَةٍ عَلَمُ
أَبا عَدِيٍّ عَبَرْتَ السّاحَ مُنْتَصِراً
فرداً، فَلَوْ قادَهُمْ "جِبْريلُ "لانْهَزَموا
وَقَفْتَ وَحْدَكَ تَرْوي النَّفْسُ لَوْعَتَها
وَلَيْسَ في وُسْعِها خَوْفٌ وَلا نَدَمُ
تُصانُ بِالذُّلِّ أَمْـوالٌ وأَمْتِعَةٌ
وَلا يُصانُ بِهِ عِرْضٌ وَلا شَمَمُ
لو جئت تطلب عز الذل مثلهمو
بلغتَ أكثر مما جئتَ تَغتنِم ُ
لكن مثلك لا تُودي الحظوظُ به
إن المروءة من أضدادها عِصَمُ
رَكِبْتَ صَعْبًا مِنَ التّاريخِ ضَيَّعَه
مِنْ قَبْلِكَ الكَيْدُ وَالتَّسْليمُ وَالقِدَمُ
إنَّ العُروبَةَ بَدْءٌ لا يُسابِقُهُ
بَدْءٌ وَعَلَّمَ كُلَّ النّاسِ ما عَلِموا
شُموسُ بابِلَ في الآفاقِ ساهِرَةٌ
وَالكَوْنُ تَنْجابُ عَنْ أَنْحائِهِ الظُّلُمُ
وَأَرْضُ كَنْعانَ وَجْهٌ لا يُغادِرُهُ
حُلْمُ الدَّعِيِّ وَلا يَحْظى بِهِ حُلُمُ
قَلائِدُ الحَرْفِ أَجْراسٌ مُعَلَّقَة
مِثْلَ النَّوارِسِ يَطْفو حَوْلَها النَّغَمُ
لَوْ قِيلَ مَنْ مَنَحَ الأَيّامَ رَوْنَقَها
وَأَوْدَعَ الحَجَرَ الأَسْرارَ قِيلَ هُمُو
لكِنَّهُمْ غادَروا في حُلْمِ جَنَّتِهِمْ
وَأَوْرَثوا جَنَّةَ الدُّنْيا لِغَيْرِهِمُو
ما كانَ حُلْمُكَ وَهْمًا كانَ أُمْنِيَةً
أَنْ يُسْتَعادَ مِنَ الأَمْجادِ ما هَدَموا
مَضَيْتَ وَحْدَكَ إلا فِتْيَةٌ نَهَضوا
مِنَ الرَّمادِ لِيُوفوا العَزْمَ ما عَزَموا
لَمْ يَبْقَ إلا دِماءٌ يَلْطِمونَ بِها
وَجْهَ العَدُوِّ دَمٌ يَمْشي إلَيْهِ دَمُ
تَقَدَّموا المَوْتَ نَحْوَ المَوْتِ وَانْدَفَعوا
لا يَعْبَأونَ بِمَحْذورٍ وَلَوْ سَلِموا
مَنْ قالَ إنَّ المَنايا حَتْمُها زَمَنٌ
أَوْ قالَ إنَّ المَنايا ما لَها قَدَمُ
ذابَ الحَديدُ وَذابوا طَوْعَ أَنْفُسِهِمْ
لَمْ يَبْقَ بُدٌّ، تَساوَى الذُّلُّ وَالعَدَمُ
داسُوا عَلى كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ عِزَّتِهِمْ
عاشوا وَماتَتْ عَلى أَقْدامِهِمْ أُمَمُ
أَبا عَدِيٍّ وَأَنْتَ الآنَ في قَرَنٍ
مَعَ الفَجيعَةِ هَلْ يودي بِكَ الأَلَمُ
لا بَأسَ في فارِسٍ أَوْدَى عَلى شَرَفٍ
وَحَوْلَ نَعْلَيْهِ مَوْجُ الغدر يَلْتَطِمُ
إنَّ العُروبَةَ أُمٌّ أَنْجَبَتْ وَقَضَتْ
وَأَنْتَ آخِرُ مَنْ بَرُّوا بِها وَسَمُوا
أتى بّك الشَوق من آفاق أُمنيةٍٍٍ
تمشي على ألأرض إلا أنها حُلُمُ
أتَيـت قوما ً بِغالُ الناس تحكمهم
والبغْلُ حتمٌ عليهِ الذُلٌّ والعُقُمُ
متنا بهم مثلما ماتوا بنا، عجباً !
نحن الحضيض وهم في قاعه قِمَمُ
لو لم يكن غيرهم في الأرضِ ما سَلِموا
من الَهوانِ وسادَتْ في الدُّنى البُهُمُ
عبءٌ على الظُلمِ حتى مَلَّ ظالِمُهُم
"وأمُّ بلقيسَ" فيهِمْ حاكمٌ غَشِمُ
يا "أم بلقيسَ" شيخاًً كنتَ أو ملكاًَ
ما عَيْبُ صدّامَ دون َ الناس ِ كلهِّمو
هل كان صدام ذ ئبا حين يحرسكم
من الذئاب ويدري أنكم غََنَمُ
صدام أقدس نعلاً من عمائمكم
وقُدس نعليه في أعراضكم حَََرَََمُ
كلُّ الشعوب لها في عُنقِِكُم قَدَمٌ
خَلِّ العراقَ له في عُنقِكُمْ قََد َمُ
ضِقتُمْ بِنَعلٍ لها قُربى وقد نَزلَتْ
رُبوعَكم من نِعال المُعتدي أمَمُ
هَل عَزَّ يّوما ً لَكُم مُلكٌ وهَل سَلِمَت
لَكُم بِلادٌ وهَل صِينَتْ لَكُم حُرَمُ
كيف استفقْتُمْ كأنَّ البَّعثَ داهَمَكُم
بل كيف طالت لكم مثل اللِّحى هِممُ
يا صاحبَ القيد هذي الحال ملحمة
وسيِّدُ الروح فيها الحزن والألمُ
يا سيّد القيدِ أعطيت المنى سببا
لم تهزم المِسخَ لكن سوف ينهزمُ
فتحتَ للرفضِ باباً كيف يُغلقه
فالكونُ رَحبٌ وفيه غيرنا أممُ
يا سَيِّدَ الرُّوحِ إنَّ الرُّوحَ مَنْزِلَةٌ
مِنَ اليَقينِ بِها المَخْذولُ يَعْتَصِمُ
عاشوا وماتوا على أقدامهم عبثا
وَما عَبَثْتَ فَإنَّ الحُرَّ مُلْتَزِمُ
عَبَرْتَ لُجَّكَ في الأَيّامِ مُقْتَحِمًا
ما العمرُ إلا مدى ما أنت مقتحمُ
0 Comments:
Post a Comment
<< Home