يا قـرّةَ العيـن يا بغـــداد...
يا قـرّةَ العيـن يا بغـــداد...
للشاعر: أبو المعالي الجوعاني
يا جنة الله يا أحلى حواريهِ
*****كنتِ الملاذ لمن لا دار تأويهِ
كنتِ الأمان لمن أزرى به زمنٌ
*****وكنتِ أمّاً لمن يدعوكِ تحميهِ
كنتِ الفنار لمن تاهتْ مراكبهُ
*****وضيّعَ البحرُ في ليلٍ محبيهِ
يا كعبة يملأ الإيمان ساحتها
*****ومعبدا بارك الرحمنُ بانيهِ
يا ألفَ لحنٍ تغنى فيه أولُنا
*****وألفَ رائعةٍ قد أنشدتْ فيهِ
من أطفأ الضوءَ في عينيك يا قمراً
*****وصادر الحبَ من قلبٍ تناغيهِ
ومن أصابكِ يا بغدادُ يا وجعي
*****يا من إذا مسّنا قرحٌ تداويهِ
أين الأحبة يا بغدادُ قد رحلوا
*****وأين من يسمع الشكوى نلاقيهِ..؟
وأين من خيلهُ كانت سنابُكها
*****تسابقُ الريح كي تردي معاديهِ..؟
وأين (شهمٌ) تفانى في محبتها
*****وعلّمَ الفرسَ درساً في تصديهِ..؟
أقمارها لم تعدْ بالأفق نيّرة
*****وماؤها العذبُ ملحٌ في سواقيهِ
(صدامها ) في غياب الجب معتقلٌ
*****وسقطُ عاهرةٍ ظلماً يقاضيهِ
مررتُ عند أبي النواس أسالهُ
*****هل حرّم الخمرَ أم نومٌ يجافيهِ..؟
قال (الملالي) على الحانات قد جلسوا
*****وزاحمونا على كأس سنشريهِ
في الليل تحت الدجى تخفى عمائمهم
*****ويظهرُ القبحُ في أعلى مخازيهِ
أُولاءِ من سلّموا المحتلَ أختهمو
*****للعهرِ جهرا وكانوا من مواليهِ
أولاء من زوّر التأريخ (آيتهم)
*****وشوّهَ الدين فيما كان يوحيهِ
لا يعرفون لهم أصلا ولا نسباً
*****إلا بما أمّهم للقوم ترويهِ
(سستانهم)أجج الأحقاد منبرهُ
*****وأيقظت فتنة كبرى فتاويهِ
لا بارك اللهُ فيه تحت جبتهِ
*****أفعى وفي فمهِ سمّاً يواريهِ
أستغفرُ الله أن، أدعوا لطائفةٍ
*****وأضمرُ الكيدَ للأخرى وأرميهِ
لكنهم عجمٌ فاقتْ جرائمهم
*****عصر التوحش من قتلٍ وتشويهِ
عادوا لكسرى مجوسا في تعبدهم
*****وفي تشيّع مأبون ومشبوهِ
بغداد مما عليها أمطروا حمما
*****لم يبقَ منها سوى رسمٍ نناجيهِ
كأنها لم تكن بالامسِ جوهرةً
*****تراقصُ النورَ أو كانت معانيهِ
تأريخها تركوا النيران تأكلهُ
*****بحسبهم أنهم يمحون ماضيهِ
وفاتهم أنها من معدنٍ عجزتْ
*****معاولُ الروم يوما أن تلاويهِ
يا قرةَ العينِ يا بغدادُ يا وطناً
*****ما مثلهُ وطنٌ بالكون نفديهِ
يخونها من لهُ ضمتْ جوانحها
*****ودرّها لم يزلْ باقٍ على فيهِ
عجبتُ كيف بنو عمي خناجرهم
*****تسابقُ (الدون) في قتلي لترضيهِ
ولم يراعوا لنا إلاً ولا نسبا
*****برئتُ من نسبٍ ما كنت قاليهِ
يا قرة العينِ لا جرحٌ فنهملهُ
*****ولا خصامٌ على ذحْلٍ فنعطيهِ
لكنها نكبةٌ كبرى فيا وطني
*****صبرا جميلا على حالٍ تقاسيهِ
فكم تحملتَ يا هذا الذي جعلوا
*****مخارز الموت في جنبيه تدميهِ
نمسي ونصبحُ أجسادا مقطعةً
*****والموتُ من حولنا حامتْ ضواريهِ
محارقٌ الموت أو أجسادُ من ذبحوا
*****يستصرخون ضميرا مات راعيهِ
كم طفلة يتموا منّا وكم غدروا
*****بمؤمنٍ يحتمي في بيت باريهِ
لم يبق والله غير السيفِ محتكما
*****لا عاش من لم يقاتلْ دون أهليهِ
فلستُ أعذرُ بعد اليوم (معتصما)
*****إن نام عن حرّةٍ راحتْ تناديهِ
0 Comments:
Post a Comment
<< Home