Tuesday, September 05, 2006

المهرولون

للشاعر الكبير نزار قباني

(1)

سقطت آخر جدران الحياء

وفرحنا..

ورقصنا..

وتباركنا بتوقيع سلام الجبناء

لم يعد يرعبنا شىء

ولا يخجلنا شىء

فقد يبست فينا عروق الكبرياء..

(2)

سقطت..

للمرة الخمسين .. عذريتنا

دون أن نهتز.. أو نصرخ

أو يرعبنا مرأى الدماء

ودخلنا فى زمان الهرولة

ووقفنا بالطوابير كأغنام أمام المقصلة

وركضنا .. ولهثنا..

وتسابقنا لتقبيل حذاء .. القتلة

(3)

جوعوا أطفالنا خمسين عاما

ورموا فى آخر الصوم الينا

بصلة...

(4)

سقطت غرناطة

للمرة الخمسين .. من أيدى العرب

سقط التاريخ من أيدى العرب

سقطت أعمدة الروح وأفخاذ القبيلة

سقطت كل مواويل البطولة

سقطت أشبيليا..

سقطت انطاكية

سقطت حطين من غير قتال

سقطت عمورية

سقطت مريم فى أيدى الميليشيات

فما من رجل ينقذ الرمز السماوى

ولا ثم رجولة....

(5)

سقطت آخر محظياتنا

فى يد الروم، فعن ماذا ندافع؟

لم يعد فى قصرنا جارية واحدة

تصنع القهوة .. والجنس

فعن ماذا ندافع ؟؟

(6)

لم يعد فى يدنا..

أندلس واحدة نملكها

سرقوا الأبواب

والحيطان

الوجات .. والأولاد..

والزيتون والزيت

وأحجار الشوارع

سرقوا عيسى بن مريم

وهو مازال رضيعا

سرقوا ذاكرة الليمون

والمشمش.. والنعناع منا

وقناديل الجوامع...

(7)

تركوا علبة سردين بأيدينا

تسمى (غزة)...

عظمة يابسة تدعى (أريحا)..

فندقا يدعى فلسطين

بلا سقف ولا أعمدة

تركونا جسدا دون عظام

ويدا دون أصابع

(8)

لم يعد ثمة أطلال لكى نبكى عليها

كيف .. تبكى أمة

أخذوا منها المدامع ؟؟

(9)

بعد هذا الغزل السرى فى أوسلو

خرجنا عاقرين

وهبونا وطنا أصغر من حبة قمح

وطنا نبلعه من غير ماء

كحبوب الأسبرين !!...

(10)

بعد خمسين سنة

نجلس الآن على الأرض الخراب

ما لنا مأوى .. كآلاف الكلاب !!

(11)

بعد خمسين سنة ..

ما وجدنا وطنا نسكنه

الا السراب.

ليس صلحا..

ذلك الصلح الذى أدخل كالخنجر فينا..

انه فعل اغتصاب !!...

(12)

ما تفيد الهرولة؟

ما تفيد الهرولة؟

عندما يبقى ضمير الشعب حيا

كفتيل قنبلة

(13)

كم حلمنا بسلام أخضر

وهلال أبيض

وبحر أزرق

وقلوع مرسلة

ووجدنا فجأة أنفسنا فى مزبلة!!

(14)

من ترى يسألهم

عن سلام الجبناء ؟؟

لا سلام الأقويا القادرين

من ترى يسألهم ؟

عن سلام البيع بالتقسيط

والتأجير بالتقسيط

والصفقات...

والتجار.. والمستثمرين؟

من ترى يسألهم؟

عن سلام الميتين..

أسكتوا الشارع

واغتالوا جميع الأسئلة..

وجميع السائلين...

(15)

وتزوجنا بلا حب

من الأنثى التى ذات يوم أكلت أولادنا

مضغت أكبادنا..

وأخذناها الى شهر العسل..

وسكرنا ... ورقصنا..

واستعدنا كل ما نحفظ من شعر الغزل

ثم أنجبنا - لسوء الحظ - أولادا معاقين

لهم شكل الضفادع

وتشردنا على أرصفة الحزن

فلا من بلد نحضنه

أو من ولد !!

(16)

لم يكن فى العرس رقص عربى

أو طعام عربى

أو غناء عربى

أو حياء عربى

فلقد غاب عن الزفة أولاد البلد.

لن تساوى كل توقيعات أوسلوا خردلة!!..

(17)

كان نصف المهر بالدولار

كان الخاتم الماسى بالدولار

كانت أجرة المأذون بالدولار

والكعكة كانت هبة من أمريكا..

وغطاء العرس والأزهار والشمع

وموسيقى المارينز...

كلها قد صنعت فى أمريكا ...

(18)

وانتهى العرس... ولم تحضر فلسطين الفرح

بل رأت صورتها مبثوثة عبر كل الأقنية

ورأت دمعتها تعبر أمواج المحيط..

نحو شيكاغو .. وجيرسى .. وميامى..

وهى مثل الطائر المذبوح تصرخ:

ليس هذا العرس عرسى..

ليس هذا الثوب ثوبى..

ليس هذا العار عارى..

أبدا... يا أمريكا...

أبدا ... يا أمريكا ...

أبدا ... يا أمريكا ...

للعودة الى الصفحة الســابقــة


كهرمان ... يا كهرمان

مظفر النواب

اخر قصيدة للشاعر العراقي مظفر النواب وهو على سرير المرض (في دمشق) ... القصيدة مهداة الى لبنان وفيها يقول:

كهرمان ... يا كهرمان

الوطن المتساوي الأضلاع

رجسٌ لن يقبله منذ الآن

الأمريكان

* * *

كهرمان ... يا كهرمان

في يوم واحد تتناقص ثلاثة بلدان

طهرانٌ تقضم من كبد البصرة

ومن إبطيها تُسحل غزة

وعلى “ أربعة عشر “ صليباً يتخوزق لبنان

* * *

كهرمان ... يا كهرمان

هل علم فلسطين هو الممنوع

وتزدحم بأعلام ( الفيفا) بلادي

وبأعلام الألمان

* * *

في غزة يتوالى القصف

والبلدان العربية

تبذل أقصى طاقتها

من جُمل “ التنديد

وعبارات “ العطف

هذا يستغرب “ الاستخدام المفرط للقوة

وآخر يدعو الشقيقة اسرائيل لضبط النفس

والثالث يخشى من دورة عنف

والرابع يُرسل أرخص انواع البطانيات

لتحمي القتلى

من” أمطار الصيف

* * *

في القاهرة اجتمع الوزراء

(الحمد لله لم يتأخر منهم واحدْ

هذا أكبر إنجاز في هذا الظرف)

قال عمرو موسى

استطعنا أن نجمعهم على رأي واحد

من أفتى للشيخ حسن أن يخرق إجماع الأمة

ويشقّ الصفّ ؟

وفي تونس كاميرات صُنعت خصيصاً للمسجد

تحصي شعرات اللحية

وتحفظ دعوات المغرب

وتؤرشف أسماء العُبّاد

تساعد الملكين على الكتفين

وتتدخل أيضا لو أن محجبةً مرت من تحت الشباك

هذا بلدٌ منفتحٌ لا يسمح أن يسكنه النُسّاك

* * *

في “ السوليدير

لجنة تحقيق تنبش تحت” الإسفلت

وشاليهات السُيّاح

من وضع “ الديناميت

ومن أشعله بسيارات “ الموكب “؟

الولد الفذ

لن يتسامح

حتى لو ورث “ المستقبل

و” آذار

وما ترك “ الجمّال

الجد “ في “ جدة “ لا يسمح

والولد الشاطر يسمع آراء العُــقّال

* * *

كهرمان ... يا كهرمان

من يحمي الآن الخرفان

إن كان الذئب صديقاً

وحليفاً

وهو الآمر والناهي

في هذا البستان ؟

* * *

والشيخة “عكا “ في المستشفى

بدأت تفتح عينيها

من يعرف ، في هذا القصف ،

إن كانت تتذكر أبويها ؟

ارشقها بالبحر يا “ حج حسن

بالرعب فقط ... تسقط آثار الرعب

على قدميها

* * *

من يتذكر في هذي الأيام

صواريخ “ الفاكهاني

وحصار “ الشيّاح

لم ينتحر الثوار كما اقتضت المصلحة الليبية

فمن منكم يعرف

ماذا يفعل في هذي الليلة سُلطان عُمان ؟

* * *

يا سيدي حسن

... ...

يا سْيدي ... في جُبّتك الخوف أمان

يتلفّع “ نصر الله “ إذا جاء

بآيات القرآن

هذا الفتح الـــ ... من عند الله ومن “ مارون الراس

لا من عند “ الأمريكان

فسبح بحمد ربك

واستغفره

لن تبقى “ حيفا “ هادئة

بعد الآن

للعودة الى الصفحة الســابقــة

eXTReMe Tracker